وادعوا أن المحظورات كلها لم تزل (?) كذلك من لدن آدم إلى يومنا هذا، وزعموا أن موسى لم يأت بتحريم حادث ولا تحليل إلا فيما اختلفت العقول فيه، فكذَّبهم الله وأخبر أن الكليات كلها كانت حلًّا (?) لبني إسرائيل إلا ما حرمها إسرائيل نذرًا، ثم حرم عليهم بعض الطيبات عقوبة لهم، وكانوا كلما أذنبوا ذنبًا عظيمًا حرم عليهم رزق طيب أو سلط عليهم الطاعون. والقصة في نذر إسرائيل أنه اشتكى عرق النسا فنذر إن شفاه الله لا يأكل لحوم الإبل وألبانها لوخامتهما وإضرارهما عند ملازمتهما، وكان من أحبّ الطعام إليه (?)، ووجه القربة فيه أنه مخالفة لهوى النفس الأمارة بالسوء (?) وقهر لها، ووجه جوازه من ذات نفسه أن الأنبياء -عليهم السلام- كانوا يجتهدون بإذن الله تعالى، يدل عليه حكم داود وسليمان -عليهم السلام- في الحرث وكان حكم سليمان بفهم لا محالة وحكم داود مما يسوغ الاجتهاد في مقابلته لمثله، وكذلك قبل نبينا -عليه السلام- الفداء بالمشاورة (?) والاجتهاد ولم يقتل أسارى بدر، وفيه نزل (?): {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ} [الأنفال: 68] الآية