هاهنا، والتفضيل على الجنس لا يحتاج إلى (مِنْ) كقولك: الياقوت أفضل الجواهر، فإن وقع على غير الجنس لم يجز إلا بإدخال (مِنْ)، تقول: الياقوتُ أفضلُ من الزجاج، والدهنُ ألينُ منَ الماء. {وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا} هُمُ المجوس (?). ويحتمل وجوهًا أربعة، أحدها: أنه معطوف على (الناس) فجيء بـ (مِنَ) لأن المجوس غير جنس اليهود، كقولك: الإنسانُ أحسنُ الخلائق ومِنَ الحور العين.

فالخلائق (?) اسمُ جنس، والحور العين غير جنسٍ. والثاني: أن تُقدر التكرار فتجعل في التقدير: أحرص الناس وأحرص من الذين أشركوا. والثالث: أن تجعل الواو للاستئناف وتجعل في التقدير: ومن الذين أشركوا مَنْ يودُّ أن يعمّر ألف سنة [كأنه وقع العدول من قصة إلى قصة ليتبين أن من الناس مَنْ يودّ عمر ألف سنة] (?).

ومع ذلك فإن اليهود أحرص منهم، ويجوز حذف (مَنْ) إذا ذكر قبله (مِنْ)، قال اللهُ تعالى: {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (164)} (?) أي: إلا مَنْ له. قال: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ} (?). والرابع: أنه معطوف على كناية الجمع، تقديره: ولتجدنهم والذين أشركوا أحرص الناس على حياة (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015