وإليهم المرجع في التفسير، عاصروا الوحي المنزل ونهلوا من معين مشكاة النبوة مصاحبة وملازمة لإمامهم وقدوتهم عليه أفضل الصلاة والسلام، فكان عصرهم من أزهى العصور وأفضلها، وإليهم المرجع في التفسير أمثال: ترجمان القرآن عبدالله بن عباس - رضي الله عنهما - الذي دعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "اللهمَّ فقِّهه في الدين وعلِّمه التأويل" (?)، ويقول ابن مسعود - رضي الله عنه -: "نِعمَ ترجمان القرآن عبدالله بن عباس" (?).
وكذلك عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - الذي قال عنه عليه الصلاة والسلام: "من سرَّه أن يقرأ القرآن كلما أنزل، فليقرأه من ابن أمِّ عبد" (?) يعني ابن مسعود.
ثمَّ أُبي بن كعب ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة الذين قال النبي - عليه السلام - في حقِّهم: "خذوا القرآنَ من أربعة: من ابن أمِّ عبد، وأُبَي، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة" (?).
فأمثال هؤلاء الجبال الأعلام الذين أسهموا إسهامًا كبيرًا في تفسير كتاب الله - عَزَ وَجَلَّ -، ومن جاء من بعدهم إنما هم عيال عليهم يغترفون من معين فيضهم حتى تخرَّج على أيديهم جيل جديد من أعلام المفسِّرين التابعين حملوا هذا اللواء وأخلصوا غاية الإخلاص في تحمُّل هذه الأمانة وقاموا بها حقَّ القيام وبذلوا فيها جهدًا كبيرًا أمثال: مجاهد بن جبر المكي شيخ المفسِّرين والقرَّاء في تلك المرحلة، أخذ القرآن والتفسير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - فأكثر وأطاب وروى عن كثير من الصحابة، ويقول عن نفسه: "عرضتُ القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة، أقفه عند كلِّ آية، أسألُه فيم نزلت وكيف نزلت" (?). وأخبار هذا العَلَم يطول ذكرها.