فأجابهم (?) النبي إلى ذلك، ووجد رجال من المسلمين من ذلك الشرط وَجْدًا شديدًا فقال النبي -عليه السلام-: "أما من لحق منا بهم فأبعده الله فهم أولى من كفر، وأما من أراد أن يلحق بنا منهم فسيجعل الله مخرجًا".
وكان الكاتب علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه، فكان قد كتب في أول الصحيفة: هذا ما قضى عليه رسول الله فأبت قريش ذلك وقالوا: إن علمنا أنك رسول الله لم نمنعك عن بيت الله، بل أنت محمَّد بن عبد الله، فقال رسول الله: "أنا رسول الله وأنا محمَّد بن عبد الله (?) فاكتب يا علي محمَّد بن عبد الله وامحُ ما كتبت". فعظم على عليّ - رضي الله عنه - أن يمحو اسم رسول الله فمحاه النبي -عليه السلام- (?) بيده.
فلما فرغوا من كتاب (?) الموادعة وختموا عليه أقبل أبو (?) جندل بن سهيل وهو يَرْسُف في قيوده، كان قد أسلم وقيّده أبوه فقال: إني مسلم وإني أعوذ بالله أن ترجعوني إلى الكفار، فتحرك عند ذلك رجال من المسلمين فكاد يكون شر، فقال النبي -عليه السلام-: "خلُّوا بينه وبينهم فإن يعلم الله من أبي جندل الصدق يجعل له مخرجًا" فانطلق أبوه وساق النبي -عليه السلام- (3) وأصحابه الهدي حتى قال المشركون: جلب الهدي ونحر عند ذلك وحلق النبي -عليه السلام- (3) رأسه وحلّ من إحرامه وعهد أناس من أصحابه فقصروا وكرهوا أن يحلقوا ولم يطوفوا بالبيت، فبلغ ذلك رسول الله (?) فأخرج رأسه من العمة قد حلقه فقال: "اغفر اللهم للمحلقين" فقيل: يا رسول الله وللمقصرين، فقال: "اللهم اغفر للمحلقين" ثم استغفر للمقصرين بعد ثلاث مرات.