وجاء نعيم بن مسعود الأشجعي فقال: يا رسول الله إني قد أسلمت وإن قومي لم يعلموا بإسلامي فمرني بما شئت، فقال له رسول الله (?): "إن استطعت أن تخذل عنا الناس فافعل" فأتى نعيم بن مسعود بني قريظة؛ فأشار عليهم أن لا تقاتلوا مع قريش وغطفان حتى تأخذوا منهم رهائن تستوثقون بهم، فصوَّبوا رأيه، ثم أتى أبا سفيان فأعلمه أن قريظة قد عزمت على أن تأخذ رهائن منكم تسلمهم إلى محمَّد -عليه السلام- (?)، وحذرهم أن يدفعوا إليهم الرهائن، ثم أتى غطفان فقال لهم مثل ذلك، فوقع بين القوم وأيس بعضهم من بعض، وأرسل الله ريح الصبا فأطفأت نيرانهم وقطعت أطناب فساطيطهم وأظلم الجو عليهم بقسطل سد الأفق، فكان الرجل لا يهتدي إلى رحله فارتحلوا منهزمين.
وكان من دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ: "اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم أهل الأحزاب" (?) وكان المشركون قد شغلوا رسول الله عليه الصلاة (?) والسلام يومئذ عن صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء حتى كشفهم الله تعالى، فأمر عليه الصلاة والسلام بلالًا فأذن وأقام الظهر (?) وأقام لكل صلاة بعدها فقضاهن على الترتيب.
ورجع إلى المدينة وقد استخلف عليها عبد الله بن أم مكتوم، وكان زيد بن حارثة يومئذ يحمل لواءه الأعظم لواء المهاجرين، وكان سعد بن عبادة صاحب لواء الأنصار، وكان حسان بن ثابت قد التجأ إلى حصن مع جماعة من النساء فيهن صفية بنت عبد المطلب، فقصده عشرة من اليهود يرمون وصفية تقول: دونك يا أبا الوليد وهو يأبى ولا يتجاسر عليهم، فدنا أحدهم من الباب يريدون أن يدخل، وأيست صفية وسائر النساء من حسان