قال: فتزوج بها سليمان -عليه السلام- (?) ووقعت من قلبه موضع محبته فأقرها على ملكها وأمر الجن فابتنوا له بأرض اليمن ثلاث حصون لم ير الناس مثلها ارتفاعًا وحسنًا ومجالس وقنادل مانظر من الخلق في سالف الدهر إلى مثله، قال: وجعلوا لهذا البنيان وهذه (?) القبات أبوابًا من ألوان الجواهر، واتخذوا بين تلك الأبنية نخيلًا وأشجارًا وكرومًا من الذهب والفضة ثمرها الزبرجد والياقوت.
قال: ونظرت بلقيس إلى ذلك البنيان فبقيت متحيرة لا تقدر على الكلام ساعة ثم قالت: إن هذه القدرة لقدرة جبار عظيم لا تدركه العيون ولا تصفه الألسن، ولكنه له الملك والقدرة والسلطان لا تدركه الأبصار ولا تحيط به الأفكار والأقطار، ثم أقبلت على سليمان فقالت: يا نبي الله أشهد لقد فضلك رب السماء والأرض على جميع خلقه فضيلة لا يطفأ نورها ولا يبيد ذكرها آخر الأبد ولن أصلح إلا لمثلك.
وكانت أسامي ما كانت تتولاه بأرض اليمن سليحين وبينون وغمدان، فكان سليمان -عليه السلام- (?) يزورها في كل شهر مرة فيقيم عندها ثلاثًا ثم يبتكر فيمسي بالشام.
قال الشعبي: وحكي لنا أن بلقيس - رضي الله عنها - لم تجلس على سرير الملك بعد إيمانها بالله ولا لبست حريرًا ولا ديباجًا ولا تحلَّت بالذهب، وكانت تقول: حسبي من الحسن والجمال والنور والبهاء توحيدي واسلامي وإيماني بربي (?) وسجودي له، وحسبي من الفخر تزويجي لسليمان نبي الله ورسوله، لا جلست إلا مثل جلوس سليمان، ولا أكلت إلا مثل أكله، ولا لبست إلا مثل لباسه، ولا نظرت إلى السماء حياء من ربي إذ عبدت الشمس من دونه.