ليمس فيه الهدهد فقال: {مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ} إلى آخر الآيتين قال: وكان تعذيبه الطير نتفه ريشه لئلا يقدر على الطيران.
وكانت قصة الهدهد أنه نظر إلى هدهد ساقطًا على شجرة فانقض نحوه ليسأله عن خبر تلك الأرض، فقال له: أية أرض هذه؟ قال: هذه أرض سبأ، قال: فمن هذا الملك الذي سخر له ما أرى من الريح والشياطين والطير فإني لم أر من الناس أعطي مثل ما أعطي هذا، قال: هذا سليمان بن داود -عليه السلام-، قال: وإنه لهو؟ قال: نعم، قال: فأين هو من ملكة هذه الأرض؟ فقال هُدهُد سليمان (?): ومن هي؟ قال: هي بلقيس بنت الهداهد الحميرية (?) فإنها قد أعطيت من الملك والسلطان ما لم يعط أحد ممن مضى من ملوك هذه الأرض.
قال: فانطلق حتى ترينيها، فانطلق معه فأراها إياه وهي في قصر لها بصنعاء أمرت ببنائه على رؤوس الأساطين من الرخام، كل أسطوانة طولها خمسون ذراعًا قد نصبت فوق وحملتها خمسمائة، وبين كل أسطوانتين عشرة أذرع وعليها سقف من ألواح الرخام طُعِّم (?) بعضها إلى بعض بالرصاص، والقصر فوق ذلك السقف فيه مجالس مطلية بالذهب والفضة مفصصة بألوان الجواهر، وللقصر شرف مطلية بماء الذهب الأحمر مفصصة بألوان الجوهر، وباب القصر مما يلي المدينة وله درج من الرخام الأبيض والأخضر والأحمر، كانت الشمس إذا طلعت على ذلك القصر التهب ذلك الذهب وتلك الجواهر كالتهاب النيران، تكاد تغشى العيون وتحار منها الأبصار، وبني لها في أسفل التل من قرار الأرض حائط بالصخور المنحوتة، حتى أرجع ذلك الحائط إلى ذروة التل، فكان ارتفاع باب القصر من القرار مائة ذراع، وهي حول التل