فلما بلغهم مسير بختنصر وأصحابه خرجوا إليه فكتبوا له الكتائب، فقاتلهم قتالًا شديدًا حتى حوّلوه عن منزله، ثم كتب الكتائب فأتوهم من بين أيديهم ومن خلفهم فهزمهم الله، وأتبعهم بختنصر بالجنود ليقتلهم فمروا على دورهم منهزمين وفيها أهلوهم وذراريهم فلم يلووا على شيء من أمرهم، فردتهم الملائكة إلى دورهم فرجعوا إليها، ودخل عليهم بختنصر وأصحابه فجعلوا يقتلونهم وهم يقولون: يا لثارات فلان يا لثارات فلان ولا يسمون النبي الذي قتلوه، فلما رأوا أن الصواب لا يسكت عنهم وهم يقتلونهم عرفوا أن الله هو سلطهم عليهم بقتلهم النبي الذي بعثه إليهم فقالوا: {يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} بقتل النبي.
يقول الله -عَزَّ وَجَلَّ- (?): {فَمَا زَالَتْ تِلْكَ} يعني الكلمة {حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ} فلم يبق منهم عين تطرف ولا من ذكر وأنثى ولا صغير ولا كبير ولا دابة ولا طير. وذكر شيخنا أن اسم هذا النبي وْيغَمْ وذكر ابن الخُرداد أن اسمه شعيب بن مهدم (?) بن أبي مهدم بن حضور، قال: وحضور بأن من حمير قال: فلما قتلوه أوحى الله تعالى إلى نبي اسمه برخيا من سبط يهود ابن يعقوب -عليه السلام- أن أثبت بختنصر فمره أن يغزو العرب الذي لا أغلاق لبيوتهم ولا أبواب، فتقتل مقاتلتهم وتستبح أموالهم، فأقبل (?) برخي ابن حمران إلى بابل فأخبر بختنصر الخبر، فتوجه لذلك فأنزل من يلق مستأمنًا ... الأبيات، ثم أتاهم بختنصر وهتف بهم هاتف (?):
سيغلب قوم غالبوا الله جهرةً ... وإن كايدوه كان أقوى وأكيدا
كذلك يضل الله من كان قلبه ... مريضًا ومن وإلى النفاق والحسدا