إلا وأوصلا إليه هدية من جهة قريش وقالا له: إنه قد ضوي (?) إلى الملك وبطارقته غلمان سفهاء فارقوا دين الله (?) قومهم ولم يدخلوا في دين الملك وجاؤوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم، فإذا كلمنا الملك فأشيروا عليه بأن يسلمهم إلينا ولا يكلمهم فإن قومهم أعلى بهم عينًا وأعلم بما كانوا عليه. فضمنت البطارقة لهما ذلك، ثم إنهما دخلا على النجاشي وقربا إليه هداياه (?) فقبلها ثم كلماه، فقالت بطارقته حوله: صدقوا أيها الملك سلِّمهم إليهم ليردوهم إلى قومهم، قالت أم سلمة: فغضب النجاشي، فقال: لا هايم الله إذًا لا أسلمهم إليهم ولا أكاد، حتى أدعوهم فإنهم جيراني وأسألهم ما يقول هذان في أمرهم فإن كان كما يقولون: أسلمتهم، وإن كان غير ذلك منعتهم وأحسنت جوارهم ما جاوروني.
ثم أرسل إلى أصحاب النبي - عليه السلام - (?) فدعاهم وقد جمع (?) أساقفته فنشروا مصاحفهم حوله، فلما جاءهم رسوله يدعوهم احتفظوا، فقال بعضهم لبعض: ما نقول للرجل؟ قالوا: نقول والله ما علمنا وما أمرنا به كائن ما هو كائن، فلما جاؤوه قالوا: ما هذا الدين الذي فارقتم منه قومكم ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من أهل الملك؟ قالت: وقد كانوا قدَّموا جعفر بن أبي طالب يكلمه، فكان الذي ولي كلامه، فقال: أيها الملك إنا كنا قومًا أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونستقسم بالأزلام، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولًا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، قال النجاشي: من أيكم هو؟ قال جعفر: هو ابن عمي أخي أبي، ثم دعانا إلى الله لنوحده ونعبده ولا نشرك به شيئًا ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه،