عباس (?): لما بلغت مريم سنة النساء في الحيض كانت تكون في بيتها في المسجد، قال: فبينما مريم في شرفة لها في ناحية الدار بينها وبين أهلها حجاب، يعني: ستر التطهر وتمتشط، إذ دخل عليها جبريل -عليه السلام- (?) فتشبه لها بشرًا سويًا في صورة شاب لم ينتقص (?) فدنا منها، وأنكرت مكان الرجل في ذلك المكان.
فقالت: {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ} أرادت التذكير والتحذير ألا ترى شرطت التقوى {إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} مطيعًا لله.
قال لها جبريل -عليه السلام-: أنا رسول ربك ليهب لك {غُلَامًا زَكِيًّا}.
قالت مريم لجبريل -عليه السلام-: يا سيدي، أنى يكون لي ولد ولم يقربني زوج ولم أك فاجرة؟!
قال لها جبريل: {كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ} أي: خلقه عليَّ يسير {وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ} في ولادته من غير أب {وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا} كائنًا، فاطمأنت مريم إلى قوله، فدنا منها فدحيها بإصبعه ثم نفخ في جيبها فوصلت تلك النفخة إلى بطنها فحملت بعيسى -عليه السلام-.
{فَحَمَلَتْهُ} اختلف في مدة العمل فقيل: يوم واحد، وقيل: ثمانية أشهر، وقيل: تسعة أشهر، {مَكَانًا قَصِيًّا} هو أقصى دار خالتها، وقيل: موضع مجهول لا يعلم بها زكريا، وقيل: ناصرة دمشق، وقيل: مصر.
{فَأَجَاءَهَا} تعدية من المجيء {الْمَخَاضُ} تمخض الولد في بطن أمه وهو تحركه للخروج {جِذْعِ النَّخْلَةِ} ساقها، أراد {جِذْعِ} يابس، وإنما قالت ذلك لكراهتها الطبيعية المشقة والأذى لا لكراهتها الاعتقادية الكرامة والعُلى.