{ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2)} {نِدَاءً خَفِيًّا} قال - صلى الله عليه وسلم -: "خير الدعاء الخفي وخير الرزق ما يكفي" (?).
{وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} شبه بياض الرأس باشتعال الفتيلة {بِدُعَائِكَ} (?) بعبادتك {شَقِيًّا} وإنما قال ذلك لأحد معان أربعة: إما لنفي ما أصابه من وهن العظم وشيب الرأس أن يكون أصابه لمقاساته شدة العبادة واحتماله أعباءها كما في نبينا - صلى الله عليه وسلم - {طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2)} [طه:1, 2]، وإما لنفي الخيبة عن نفسه فإن الخائب هو الشقي فكأنه يقول: لم أكن بسبب عبادتي إياك وإيماني بك خائبًا من لطائف صنعك، وإما لنفي الكفر عن نفسه فكأنه يقول: لم أكن بعبادتك وتوحيدك كافرًا فأنا متوسل إليك (?) بذلك إليك، وإما لنفي الحرمان عن نفسه فكأنه يقول: لم أكن في عبادتك محرومًا فإنك وفقتني لها وبشرتها علي لأستأهل إجابة الدعوة منك.
{وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ} أن ينقرضوا فإنهم قد صفوا وقلوا، وأراد بنو الأعمام دون ذوي الأرحام.
{يَرِثُنِي} العلم والكتاب؛ فإن الأنبياء عليهم السلام لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا وإنما ورثوا العلم فمن أخذ العلم فقد أخذ بحظ وافر، ويحتمل أنه أراد رتبة الحبورة وشرف النبوة وإنهما مختصان بأهل بيت النبي - عليه السلام - (?)، ويحتمل أنه أراد النبوة بعينها، أي: اجعله اللهم وارثًا نبوتي (?)