والنيل والفرات، ما صلتهما بالرحلة عبر السماوات؟ «لقد عرف محمد في هذه الرحلة أن رسالته ستنساح في الأرض، وتتوطن الأودية الخصبة في النيل والفرات وتنتزع هذه البقاع من مجوسية الفرس وتثليث الروم، بل إن أهل هذه الأودية سيكونون حملة الإسلام جيلا في أعقاب جيل، وهذا معنى رؤية النيل والفرات في الجنة، وليس معناه أن مياه النهرين تنبع من الجنة كما يظن السذّج والبله» (?) . وفي رواية أنس بن مالك التي ذكرها البخاري في صحيحه (?) ، يرد قول الرسول صلى الله عليه وسلم: « ... ثم انطلق بي حتى انتهى إلى سدرة المنتهى، وغشيها ألوان ما أدري ما هي؟ ..» .. ونحن نسمع اليوم من رواد الفضاء، عن الألوان التي تتراءى لهم عبر رحلاتهم في الفضاء وإلى القمر، لا يدرون ما هي.. وهل يضم عالمنا الأرضي كل الألوان وكل المسميات؟! وهل بمقدور لغات العالم كله ومصطلحاته أن (تعبّر) عن (موجودات) الكون الفسيح وأحداثه التي تنأى عن علمنا وبداهاتنا ومسلماتنا (?) ؟ «إن رؤية طرف من آيات الله الكبرى في ملكوت السماوات والأرض له أثره الحاسم في توهين كيد الكافرين وتصغير جموعهم ومعرفة عقباهم.. والله عزّ وجلّ يتيح لرسله فرص الاطلاع على المظاهر الكبرى لقدرته حتى يملأ قلوبهم ثقة فيه واستنادا إليه إذ يواجهون قوى الكفار المتألبة ويهاجمون سلطانهم القائم.. لقد جاء الإسراء والمعراج قريبا من منتصف فترة الرسالة التي مكثت ثلاثة وعشرين عاما وبذلك كانا علاجا مسح متاعب الماضي، ووضع جذور النجاح للمستقبل» (?) .

ولم تكن حادثة الإسراء والمعراج معجزة قاهرة أريد منها قهر الناس على الاعتقاد بصدق نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم كما كان يحدث للأنبياء السابقين، ذلك أن القرآن الكريم سلك أسلوبا آخر في الإقناع يقوم على التأمل والمشاهدة والتجريب والحجة والبرهان، وإلا لكانت حادثة الإسراء والمعراج قد جاءت في الأيام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015