الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليه وحيه وذلك في الآية: وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً (?) فحثّ على التثبيت في السماع وعلى ترك الاستعجال في تلقيه وتلقنه. وقد ورد في موضع آخر من القرآن الكريم: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ. إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ. فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ. ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ
(?) .
انطلقت خديجة (رضي الله عنها) إلى ابن عمها ورقة بن نوفل الذي كان قد تنصر وقرأ الكتب وسمع من أهل التوراة والإنجيل، فأخبرته بما أخبرها به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ورقة: «قدّوس، قدّوس، والذي نفس ورقة بيده لئن كنت صدقتني يا خديجة لقد جاءه الناموس الأكبر (?) الذي كان يأتي موسى، وإنه لنبي هذه الأمة فقولي له فليثبت» . فرجعت خديجة وأخبرت محمدا بما قاله ورقة، فذهب بنفسه إليه وطلب ورقة منه أن يعيد حديثه، فلما أتمه صلى الله عليه وسلم قال ورقة: والذي نفسي بيده، إنك لنبي هذه الأمة ولقد جاءك الناموس الأكبر الذي جاء موسى، ولتكذّبن ولتؤذين ولتخرجن ولتقاتلن! ولئن أنا أدركت ذلك اليوم لأنصرنّ الله نصرا يعلمه.
ثم أدنى رأسه منه فقبّل يافوخه. ثم عاد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى منزله (?) .
كانت خديجة (رضي الله عنها) أول المؤمنين بدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم وكان لإيمانها ذاك أثر عميق في معنوية الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يجابه بالتوحيد شرك العرب جميعا، فكان كلما سمع من معارضيه ردا أو تكذيبا، شكى ما يلقى لزوجته البرّة فتثبته وتخفف عنه وتهوّن عليه أمر الناس. وكان علي (رضي الله عنه) أول من آمن من الذكور، ولم يتجاوز- بعد- العاشرة من عمره، حيث كان الرسول قد أخذه ليعيله في داره تخفيفا عن أبي طالب الذي لم يكن يملك ما يكفيه وأبناءه جميعا. وكان زيد بن حارثة ثالث من أسلموا، وكان هو الآخر يقطن مع الرسول