نخشى عليه، وأن نظهر فلعمري لنجدن النساء والأبناء. قالوا: نقتل هؤلاء المساكين فما خير العيش بعدهم؟ قال: فإن أبيتم علي هذه فإن الليلة ليلة السبت، وأنه عسى أن يكون محمد وأصحابه قد أمنونا فيها فانزلوا لعلنا نصيب من محمد وأصحابه غرة. قالوا: نفسد علينا سبتنا، ونحدث فيه ما لم يحدث من كان قبلنا إلا من قد علمت، فأصابه ما لم يخف عليك من المسخ؟ وقال نباش بن قيس، أحد زعمائهم: وكيف نصيب منهم غرة وأنت ترى أمرهم كل يوم يشتد، كانوا أول ما يحاصروننا إنما يقاتلون بالنهار ويرجعون بالليل ... فهم الآن يبيتون الليل ويظلون النهار، فأي غرة نصيب منهم؟ قال كعب: ما بات رجل منكم، منذ ولدته أمه، ليلة من الدهر حازما.
ومن ثم أعلن اليهود نزولهم على حكم الرسول صلى الله عليه وسلم (?) .
عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن معاذ، زعيم الأوس، وقد كان بنو قريظة مواليهم، بإصدار الحكم. وكان سعد آنذاك يمرض من جراحه التي أصابته في معركة الخندق تشرف على تمريضه في المسجد امرأة تدعى رفيدة كانت تداوي الجرحى، وتتولى رعاية من لا أهل له من المقاتلين. فجاء به قومه يحملونه وهم يقولون: يا أبا عمرو أحسن في مواليك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ولاك ذلك لتحسن فيم. فلما ألحوا عليه قال: لقد آن لسعد ألا تأخذه في الله لومة لائم، ثم أصدر حكمه بقتل الرجال المحاربين، وتقسيم الأموال، وسبي الذراري والنساء، فما كان من الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أن قال له (لقد حكمت فيهم بحكم الله- من فوق سبع سماوات- وحكم رسوله) (?) !!.
لم يكن رجال بني قريظة سوى مجرمي حرب، وفق قوانين القتال المعاصرة، نقضوا العهد، وانضموا إلى الأعداء والحرب قائمة بين المسلمين والأحزاب. فكان نقضهم خيانة عظمى، ولم يكن عقابهم العادل المكافىء لفعلتهم سوى القتل. وقد أنزلوا من حصونهم مقرنين في الأصفاد، وحفرت لهم