[6]

فأجابه أنا أكفيكه يا رسول الله، وما لبث أن اتصل برجل من قيس وأعطاه عشرة دنانير لقاء تعهده بقتل ابن جحاش، فأدى الأعرابي المهمة، وعاد ابن يامين لكي يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بالقضاء على الخائن (?) .

وهكذا تم إجلاء طائفة أخرى من اليهود بسبب خرقها الميثاق وخفرها الذمة وخيانتها الرسول صلى الله عليه وسلم. ولقد جاء انتصار المسلمين هذا في أعقاب محنتهم في أحد وفجيعتهم في حادثتي الرجيع وبئر معونة، ومن ثم تولوا زمام المبادرة ثانية، وتغيّر بانتصارهم هذا مجرى الأحداث، ونزلت- بعد قليل- سورة بأكملها هي سورة (الحشر) تعرض لظروف هذا الحدث الخطير، وتعلق على مجرياته ونتائجه التي ما كانت لتحدث هكذا لولا إرادة الله الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ. وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ (?) وإن كان ثمة شيء يزاد على روايات التاريخ فهو المدى الواسع الذي ينطوي في الآية الرابعة من السورة الآنفة ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ إذ يصحّ أن يقال إن محاولة بني النضير اغتيال النبي إنما كانت سببا مباشرا، وأنه كان منهم قبل ذلك مواقف مشاقة مؤذية ومزعجة كثيرة طفح بها الكيل وحق عليهم من أجلها التنكيل (?) .

[6]

لم يشأ زعماء بني النضير الذين استقروا في خيبر أن يظلوا ساكتين إزاء هزيمتهم وامتداد الإسلام إلى كل مكان، وتدارسوا الأمر فرأوا أن أحد أكبر الأسباب في الهزائم التي مني بها أعداء الإسلام من الوثنيين واليهود هي قتالهم المسلمين كل على انفراد، الأمر الذي مكّن هؤلاء من تصفية خصومهم وتحقيق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015