كل الأمم، ويأتي مشتهى كل الأمم فأملأ هذا البيت عدلا قال رب الجنود» . وقد جاء في حاشية الأصل العبري «مشتهى كل الأمم حمدوت، أي الذي تحمده كل الأمم» . فالتوراة إذن صرحت باسم محمد (حمدوت) ، ولكن الترجمة أبعدت لفظة محمد لتضع مكانه مرادفا يصرف الذهن عن الاسم الحقيقي هو (مشتهى كل الأمم) . وفي سفر التثنية الإصحاح 18، فقرة 15 نقرأ «يقيم لك- لموسى- الرب إلهك نبيا من وسطك من إخوتك مثلك له تسمعون» ، ويقول في الفقرة 18 «أقيم لهم نبيا من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به» ، وهي عبارة مجملة فسرها اليهود بمجيء رسول منهم لا من ولد إسماعيل. وكأن الله تعالى جعل هذه العبارة مجملة وألهمهم هذا التفسير، حفظا لهذه البشارة، لأنهم لو عرفوا أن الرسول المبشر به سيكون من ولد إسماعيل لأخفوها أو محوها. وقد أثبتت الأيام أن الرسول المبشر به هو محمد صلى الله عليه وسلم (?) .
وورد في سفر التثنية- أيضا- 33/ 3 «جاء الرب من سيناء، وأشرق لهم من سعير، وتلألأ في جبل فاران» ، وتلك هي الرسالات الثلاث لموسى والمسيح ولمحمد صلى الله عليه وسلم وهذا مصداق قوله تعالى: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ. وَطُورِ سِينِينَ. وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ لأن منبت التين والزيتون مهجر إبراهيم ومولد عيسى عليه السلام، وطور سيناء مكان مناجاة الله تعالى لموسى، وفاران في مكة مولد الرسول صلى الله عليه وسلم (?) .
هذا فضلا عن الروايات التاريخية العديدة التي تحمل إرهاصات مجيء الرسول الجديد وصفاته. فعن عاصم بن عمرو بن قتادة عن رجال من قومه قالوا:
«إنما دعانا إلى الإسلام ما كنا نسمع من يهود أنه قد تقارب زمان نبي يبعث فيقتلكم قتل عاد وأرم» . وعن سلمة بن سلامة الذي شهد بدرا قال: كان لنا جار من يهود بني عبد الأشهل، أشار بيده إلى مكة واليمن وقال: نبي يبعث من نحو هذه البلاد، قالوا: من يراه؟ فنظر إلي وأنا من أحدثهم سنا فقال: إن يستكمل هذا الغلام عمره يدركه. قال سلامة: والله ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله محمدا. وهذا ابن الهيبان من يهود الشام خرج من الشام إلى الحجاز، وحل في