[8]

الدينية لمن سالموه وكفوا عنه. ترى- يقول الغزالي- هل احترم أهل الكتاب ما عليهم من واجب، وهل أنصفوا الدين الذي رعى ذمامهم؟ كلا!! فإنهم سرعان ما راحوا يساعدون على إشعال الثورات في جنوب الجزيرة، كما كاتبوا الأسود العنسي (المتنبىء) فسار إليهم في طريقه إلى اليمن ... تماما كما فعل نصارى تغلب في تأييدهم مسيلمة الكذاب حين ادعى- هو الآخر- أنه نبي!!

.. ولم يكن الأمر إيمانا منهم بهذه النبوات الزائفة ولكنه الإعانة على حرب الإسلام بأي سلاح ومع أي حليف (?) .

[8]

وما أن أتم الرسول صلى الله عليه وسلم لقاآته بالوفود العربية القادمة إليه من كل مكان، وحج بأتباعه حجة (الوداع) ، حتى قام بتجهيز جيش كبير في مطلع السنة الحادية عشر للهجرة في أعقاب عودته من مكة، وأمّر عليه القائد الشاب أسامة بن زيد بن حارثة تقديرا من الرسول صلى الله عليه وسلم للكفاآت الشابة، ورفضا لسلم الطبقات الاجتماعية الذي لا يسمح لمن كان آباؤهم عبيدا يباعون ويشترون، أن يتولوا قيادة السادة!! وردا عمليا على محنة المسلمين في مؤتة حيث كان زيد بن حارثة، والد القائد الشاب، قد شاط في رماح القوم!! وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم مولاه أسامة أن (يوطىء) الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين.

وانطلق أسامة ومن ورائه زهرة قوات المسلمين، لم يتخلف منهم أحد، وعلى رأسهم المهاجرون الأولون (?) .

تقدم أسامة باتجاه الشمال وعسكر في (الجرف) على بعد فرسخ من المدينة، ريثما يتم تجميع المقاتلين، وهناك بلغته أنباء مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوقف عن المسير وظل معسكرا بجنده لينظر ما الله قاض برسوله صلى الله عليه وسلم. ولم يطق المسلمون وقائدهم صبرا على البقاء والانتظار، ورسولهم يعاني الآلام، فهبطوا عائدين إلى المدينة. ودخل أسامة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد عجز عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015