وسائل الركوب.. فردّد الرسول صلى الله عليه وسلم «ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم» وجاء أبو بكر بماله كله: أربعة آلاف درهم فقال له صلى الله عليه وسلم: هل أبقيت شيئا؟ فأجابه: الله ورسوله أعلم. وجاء عمر بنصف ماله. يقول الواقدي: «ورغب أهل الغنى في الخير والمعروف، وقووا أناس دون هؤلاء من هو أضعف منهم، حتى أن الرجل ليأتي بالبعير إلى الرجل والرجلين فيقول: هذا البعير بينكما تتعاقبانه، ويأتي الرجل بالنفقة فيعطيها بعض من يخرج، حتى إن كنّ النساء ليعنّ بكل ما قدرن عليه!! قالت أم سنان الأسلمية: لقد رأيت ثوبا مبسوطا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة رضي الله عنها فيه أسورة ومعاضد وخلاخل وأقرطة وخواتيم..
مما يبعث به النساء يعنّ به المسلمين في جهازهم..» (?) .
وجاء سبعة من الأنصار من فقراء بني عمرو بن عوف، وتوسلوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يحملهم على الدواب، فأجابهم (لا أجد ما أحملكم عليه) فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون. ولقي رجل من أهل المدينة اثنين منهما يبكيان فسألهما (ما يبكيكما؟) أجابا: جئنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحملنا فلم نجد عنده ما يحملنا عليه، وليس عندنا ما نتقوى به على الخروج معه، فأعطاهما جملا له يستقي عليه الماء، وزودهما بشيء من التمر، فارتحلا الجمل وخرجا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (?) .
ورجع أبو خيثمة، بعد أن سار رسول الله صلى الله عليه وسلم أياما، إلى أهله في يوم حار فوجد امرأتين له في عريشين لهما في بستانه قد رشت كل واحدة منهما عريشها وبردت له فيه ماء وهيأت له فيه طعاما. فلما دخل قام على باب العريش فنظر إلى امرأتيه وما صنعتا له، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشمس والريح والحر، وأبو خيثمة في ظل بارد وطعام مهيأ وامرأة حسناء في ماله مقيم؟ ما هذا بالنصف. والله لا أدخل عريش واحدة منكما حق ألحق برسول الله صلى الله عليه وسلم. فهيئا لي زادا (?) .
وأبو ذر!! لما أبطأ عليه بعيره، تعبا وإرهاقا، أخذ متاعه فحمله على ظهره وخرج يتبع أثر المسلمين ماشيا!! وفي مكان ما من الصحراء الممتدة نظر ناظر من