الحبشة، شجاع بن وهب الأسدي إلى المنذر بن الحارث بن أبي شمر الغساني حاكم دمشق (?) .

انطلق دحية إلى هرقل يحمل كتابا جاء فيه «بسم الله الرحمن الرحيم: من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم، السلام على من اتبع الهدى. أما بعد، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، وإن تتولى فإن إثم الأكارين عليك» (?) . ويورد محمد حميد الله صورة أخرى للكتاب جاء فيها «.. إني أدعوك إلى الإسلام فإن أسلمت فلك ما للمسلمين وعليك ما عليهم. فإن لم تدخل في الإسلام فاعط الجزية فإن الله تبارك وتعالى يقول: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ (?) ، وإلا فلا تحل بين الفلاحين وبين الإسلام أن يدخلوا فيه أو يعطوا الجزية» (?) . وهذه الصيغة أكثر انسجاما مع طبيعة الدعوة الإسلامية من الصيغة السابقة التي تكتفي بعرض الإسلام فقط دون تمييز بينه وبين الخضوع لسلطان الدولة الإسلامية بدفع الجزية والسماح للمواطنين بدفعها.

وصادف أن وصل مبعوث رسول الله صلى الله عليه وسلم بلاد الشام وهرقل يحج إلى بيت المقدس في احتفال مهيب، شكرا لله على ما منحه إياه من نصر حاسم على أعدائه الفرس. وهناك تسلم الأمبراطور كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم وقرأه. ويسرد لنا كل من ابن إسحاق والطبري نقلا عن رواتهما وبضمنهم بعض نصارى الشام، وأبو سفيان الذي كان حينذاك في رحلة تجارية لقريش إلى الشام، عددا من الروايات تشير إلى أن هرقل وكبير أساقفته المدعو (صغاطر) لما اطلعا على الكتاب قالا:

إنه للنبي الذي كنا ننتظره، لا شك فيه، نعرفه بصفته ونجده في كتبنا باسمه. وإن صغاطر خرج على الروم وهم في الكنيسة فقال: يا معشر الروم، إنه قد جاءنا كتاب من أحمد، يدعونا فيه إلى الله عزّ وجلّ، وإني أشهد إن لا إله إلا الله وأن أحمد عبده ورسوله، فوثبوا عليه وثبة رجل واحد وضربوه حتى قتلوه. فلما عرف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015