وقدمت كذلك وفود بلى والداريين (من لخم) وسلامان وغسان وغامد وبنو أسد وقال هؤلاء للرسول: قدمنا يا رسول الله من قبل أن ترسل إلينا رسولا فأنزل الله سبحانه فيهم يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ (?) ، كما قدمت وفود بهراء وبني البكاء وبني فزارة (?) . وأرسلت بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة إلى رسول الله، فقدم عليه، وأناخ بعيره عند باب المسجد ثم دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس بين أصحابه، ووقف قريبا منه وقال: أيكم ابن عبد المطلب؟ أجاب الرسول: أنا. قال الرجل: يا ابن عبد المطلب إني سائلك ومغلظ لك في المسألة فلا تجدنّ في نفسك. قال: لا أجد في نفسي فسل عما بدا لك. قال: أنشدك بالله إلهك وإله من كان قبلك وإله من هو كائن بعدك، الله بعثك إلينا رسولا؟ قال: اللهم نعم. قال: فأنشدك بالله.. الله أمرك أن تأمرنا أن نعبده وحده ولا نشرك به شيئا، وأن نخلع هذه الأنداد التي كانت آباؤنا تعبد من دونه؟ قال: اللهم نعم، قال: فأنشدك بالله.... آلله أمرك أن نصلي هذه الصلوات الخمس؟ قال: اللهم نعم. ثم جعل ضمام يذكر فرائض الإسلام واحدة واحدة، حتى إذا فرغ قال: أشهد ألاإله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا رسول الله. وانصرف راجعا حتى إذا قدم على قومه، اجتمعوا إليه فراح يصرخ فيهم: بئست اللات والعزى قالوا: مه يا ضمام، اتق البرص، اتق الجذام، اتق الجنون! قال: ويحكم، إنهما والله لا ينفعان ولا يضرّان، وإن الله قد بعث رسولا، وأنزل عليه كتابا استنقذكم به مما كنتم فيه، وإني أشهد ألاإله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، وقد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه. قال ابن عباس: فو الله ما أمسى ذلك اليوم وفي حيّه رجل ولا امرأة إلا مسلما (?) . ذلك وفد- يقول الغزالي- «يمثل بساطة الأميين في منطقهم، وسلامة طريقتهم في جدلهم وخلوّ أذهانهم من العقد التي تعترض الحق في مسيله السمح. ولا نكران في أن جهاد الدعوة القديم له أثره في الوصول إلى هذه النتائج السريعة، وهذا طبيعي، فإن تغيير دين ليس كتجديد زي، وضمام كان يستحضر في ذهنه وهو يسأل النبي، ثم وهو يخطب