عتمة من الليل، شننا عليهم الغارة، فقتلنا من قتلنا واستقنا النعم وقفلنا عائدين بعد أن جاءنا منهم ما لا قبل لنا به ... » ولم يكن عدد أفراد هذه السرية يجاوز البضعة عشر رجلا (?) .

وانطلق شجاع بن وهب في أربعة وعشرين رجلا إلى بني عامر فشن عليهم الغارة وأصاب نعما وشاء (?) . وسار أبو عبيدة عامر بن الجراح في ثلاثمائة من المهاجرين والأنصار مستهدفين قبائل جهينة.. وكان الطريق طويلا، فنفد ما معهم من قوت، وراح الجوع يعتصرهم، وقال رجل منهم: كان أبو عبيدة يقبض لنا قبضة من التمر، ثم تمرة تمرة، فنمصها ونشرب عليها الماء إلى الليل حتى نفد ما في الجراب فكنا نجني الخبط، إذ جعنا جوعا شديدا، وما لبث البحر أن ألقى إلينا حوتا ميتا فأكلنا منه حتى شبعنا (?) . وسرايا أخرى قادها مسلمون آخرون، انطلقت إلى أهدافها بشجاعة، وعادت وقد لقنت الأعراب ودعاة الفتنة دروسا لن ينسوها (?) .

ولم يقف الرسول صلى الله عليه وسلم عند حد اعتماد الهدنة مع قريش لتأديب الأعراب، بل نشط منذ أواخر السنة السادسة، وحتى فتح مكة، في توجيه دعاته وسفرائه إلى كبار أمراء العرب الوثنيين وزعمائهم ومشايخهم يدعوهم إلى الإسلام، في نفس الفترة التي كان قد وجّه فيها سفراءه ومبعوثيه إلى أباطرة العالم وملوكه يعرض عليهم الدعوة التي بعث بها إلى الناس جميعا..

أرسل العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى العبدي، أمير البحرين والمناطق الشمالية المطلة على الخليج العربي، وكتب إليه كتابا جاء فيه: «بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد النبي رسول الله إلى المنذر بن ساوى. سلام عليك.

فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد فإن كتابك جاءني ورسلك، وإن من صلى صلاتنا وأكل ذبيحتنا واستقبل قبلتنا فإنه مسلم، له ما للمسلمين وعليه ما على المسلمين، ومن أبى فعليه الجزية» . فأسلم المنذر ومعه الكثيرون من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015