بالدولة الفتية والدين الجديد بعد حرب الإفناء الطويلة التي شنتها ضدهما..
ولما كانت قريش هي زعيمة الوثنية وحامية حمى الحرم المقدس فإن توابعها من القبائل العربية المنتشرة في الجزيرة رأت نفسها في حل من الانتماء لزعامتها والارتباط بمصيرها وأن لها الحرية المطلقة في أن تختار المعسكر الذي تراه مناسبا دخولا في دينه أو صداقة معه..
وقد فتح ذلك المجال أمام المسلمين لكي ينشطوا وينتشروا في الآفاق لكسب مزيد من الأصدقاء والحلفاء والمنتمين إلى الدين الجديد، مستغلين من جهة أخرى فترة السلم التي أتاحتها شروط الحديبية.
وكان انضمام خزاعة إلى معسكر المسلمين نصرا كبيرا للرسول صلى الله عليه وسلم ذلك أن جزآ كبيرا من الأحابيش الذين كانت قريش تعتمد عليهم يعدون من بطونها، وبذلك ضمّ محمد جزآ كبيرا من هذه القوة إلى جانبه وأضعف بذلك مركز قريش الحربي (?) .
ويرى (أرنولد) أن الحروب المتصلة التي كان الرسول قد شنها على أهل مكة قد جعلت حتى ذلك الحين القبائل، التي تقيم جنوبي هذه المدينة حتى تخوم اليمن، بعيدين بعدا يكاد يكون تاما عن سلطان الدين الجديد.. ولكن هدنة الحديبية جعلت الاتصال مع بلاد العرب الجنوبية أمرا ميسورا في ذلك الحين (?) .
وقد كان لانتشار الإسلام في اليمن في الفترة التي أعقبت الحديبية أهمية خاصة من الناحية العسكرية، فقد جعل قريشا محفوفة بالمسلمين من الشمال والجنوب وبذلك تقرر مصير مكة وقريش نهائيا (?) ... هذا في الوقت الذي كانت قريش فيه قد توخت أهدافا سطحية دفعتها إليها العصبية الجاهلية وهي رد المسلمين عن زيارة البيت الحرام هذا العام ليعودوا إلى زيارته في العام المقبل، ورد الذين يسلمون من قريش بدون رضى أوليائهم حتى لا يكثر عدد المسلمين وأن ينالوا بهذه الهدنة الاستقرار للتفرغ لتجارتهم وهو أهم هدف حيوي بالنسبة لقريش (?) .
ولم ينس الرسول صلى الله عليه وسلم أن ينتزع من هذه الفرصة الثمينة كل ما يستطيع انتزاعه، فضلا عن كسب الناس إلى الإسلام وصداقتهم لدولته.. صراعا ضد