الشهداء) وكان يقول لأصحابه (رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها) ، و (مقام أحدكم في سبيل الله خير من عبادة أحدكم في سبيل الله ستين سنة) ، ويقول (حرمت النار على عين سهرت في سبيل الله) ويقول (من مات ولم يغز أو يجهز غازيا أو يخلف غازيا في أهله بخير أصابه الله بقارعة قبل يوم القيامة) ، ويقول (والذي جاهد بنفسه وماله حتى إذا لقي العدو قاتله حتى يقتل فذاك الشهيد الممتحن في خيمة الله تحت عرشه لا يفضله النبيون إلا بدرجة النبوة) ويناديهم مرارا (إن السيف محاء الخطايا) وإنكم (إذا تركتم الجهاد سلّط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم) (?) .
أما الأسلوب الثاني الذي اعتمده الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو التدريب العملي، فقد سعى من خلاله إلى اعتماد كل طاقات الأمة القادرة على البذل والعطاء: رجالا ونساء وصبيانا وشبابا وشيوخا، وإلى التمرس على كل مهارة في القتال طعنا بالرمح وضربا بالسيف ورميا بالنبل ومناورة على ظهور الخيل، كما أكد على ضرورة تعلم القتال في كل ميدان برا وبحرا، تنفيذا لشعار الله وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ على إطلاق القوة.
قال (وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي) ، والرمي يعني إصابة الهدف.. وحتى العصر الحديث والحروب التقنية تجيء الانتصارات بالدرجة الأولى بمدى مقدرة الجندي على إصابة هدفه بالرصاصة أو القنبلة أو الصاروخ.. وقال (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة) دفعا لأصحابه إلى التمرس على الفروسية وتعلّم ركوب الخيل في قتال يلعب فيه الفرسان دورا كبيرا، وقال وكأنه ينظر إلى المدى البعيد حيث ستنساح رقعة دولته إلى أطراف القارات وسواحل البحار والمحيطات، كيف لا وما هي بالدولة الإقليمية أو العنصرية وإنما هي دولة منفتحة على العالم كله، على الإنسان أيا كان هذا الإنسان: (غزوة في البحر خير من عشر غزوات في البر، والمائد فيه كالمتشحط في دمه، ومن أجاز البحر فكأنما أجاز الأودية جميعا) وقال (من رمى بسهم في سبيل الله فهو عدل رقبة محررة) والأمر سواء: سهم ينطلق في سبيل الله وحده من أجل تحرير الإنسان من العبودية للعباد و (عبد) يحرر من سيده لكي يغدو إنسانا.