دراهم. كان يلبس الصوف- أرخص شيء وأكثره إيلاما للجسد- ويخصف النعل ويرقع القميص ويركب الحمار. وكانت له حصيرة ينام عليها، ويبسطها في النهار فيجلس عليها، ولقد نام عليها حتى أثرت في جنبه. وكانت له مخدة من جلد حشوها ليف. وأحيانا ينام على عباءة تثنى مرتين فطوتها زوجته حفصة أربع مرات، فلما نام عليها كان من لينها أن استغرق في النوم حتى فاتته صلاة الليل فنهى حفصة عن ذلك وأمرها أن تعيد العباءة إلى وضعها الأول. ورأت امرأة من الأنصار ما ينام عليه فأهدته مرتبة من الجلد حشوها صوف فأمر عائشة بأن تردها، أمرها ثلاث مرات وعائشة أم المؤمنين وزوجة رسول الله تقول: فلم أردها حتى أمرني ثلاث مرات لأنني كنت أحب أن يكون في بيتي مثل هذا. ولم يكن يحب الفقر ولا يرضى به وكان في دعائه يستعيذ منه. وكان يستطيع أن يملك ثروة جزيرة العرب كلها. وكان يعطي كما وصفه أعرابي (عطاء من لا يخشى الفقر) .

ولو احتفظ بنصيبه من الغنائم كأي فرد من جيشه لكان من أغنياء العرب.. ولكن ما دامت البشرية قد كتب عليها أن تعيش قرونا عديدة وفيها الفقر والغنى فخير نظام تصل إليه هو ذلك الذي يجعل حكامها في جانب الفقراء، فما أبشع أن تجتمع السلطة والغنى في جانب واحد.. وعشرات غير هذه الوقائع والأمثلة..

عشرات (?) .

إن تجربة المؤاخاة نجحت وكان لا بد لها أن تنجح ما دامت قد استكملت الشروط وتهيأت لها الأسباب في القيادة والقاعدة على السواء، وبغض النظر عن عدد الذين تاخوا عشرات كانوا أم مئات أم ألوفا.

وخلال ذلك أخذت الصلاة شكلها النهائي، وفرضت زكاة الفطر، وكتب الصيام، ورسمت الحدود، وفرض الحلال والحرام وحدد الأذان كنداء يدعى به المسلمون إلى الصلوات الخمس وكانوا يجتمعون لمواقيتها دونما دعوة، أما القبلة فقد كانت لأول أمرها متجهة صوب بيت المقدس ثم تحولت إلى الكعبة بعد سنة ونصف من الهجرة (?) .

رابعا: الجيش:

هنالك أسباب عديدة ومتشعبة تفسر عدم السماح للرسول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015