يتجه الإسلام بدعوته إلى تحقيق غرضين عظيمين يتلخص فيهما الكمال الإنساني كله، هما الإحسان في العمل والثبات عليه وقد اجتمعا في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} فلا يكفي أن تحسن العمل ثم لا تثبت عليه كما لا يكفي أن تثبت عى عملك دون أن تحسنه وتأتيه على الوجه الأكمل، وإنما يجب أن تجمع بينهما فتحسن العمل وتثبت عليه، ولكن الناس بين رجلين: أحدهما يحسن عمله ولكنه لا يثبت عليه والآخر يثبت عليه ولكنه لا يحسنه، أما الذي يجمع الكمال من طرفيه فقل أن يظفر به أو يعثر عليه.
إن الاسلام يجعل الإحسان- بمعنى إتقان العمل وتجويده- ثالث ثلاثة هي الدين كله كما في حديث جبريل بعد أن أجابه صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام والإحسان قال: "هذا جبريل جاء يعلمكم دينك" فجعل مجموع هذه الثلاثة هو الدين، ويفسر ذلك رفضه صلى الله عليه وسلم أعمالا لم يأت بها أصحابها على الوجه الأكمل كقوله للأعرابي: "صل فإنك لم تصل" وكقوله: "اذا أحسن الرجل الصلاة فأتم ركوعها وسجودها قالت الصلاة: حفظك الله كما حفظتني فترفع، وإذا أساء الصلاة فلم يتم ركوعها وسجودها قالت الصلاة: ضيعك الله كما ضيعتني فتلف كما يلف الثوب فيضرب بها وجهه" وكقوله: "كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش". لأن الإحسان في العمل هو ثمرة يقظة الضمير وحياة الشعور في الإنسان فيعمل أعماله وهو يشعر أنه يرى الله أو أن الله يراه وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (وقد سأله جريل عليه السلام عن الإحسان). "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" ولقيمة