الدعوة إلى الله واجب كل مسلم بل هي الطابع الذي طبع الله به هذه الأمة وميزها به عن غيرها من سائر أمم الأرض وجعله آية فضلها وشارة سؤددها إذ قال: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} ولكن العلماء أوفر حظا من هذا الواجب لأنهم ورثة الأنبياء في الدعوة إلى الله وإصلاح المجتمع ولأنهم أعلم من غيرهم بطرق الدعوة وأساليبها، وقد بين الله لنبيه عليه الصلاة والسلام أدوات الدعوة إلى الله إذ قال: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} أي أدع إلى الإسلام ومبادئه بالدليل الموضح للحق والدافع للشبهة وبإيراد العبر البليغة المنبهة للأذهان بضرب الأمثلة التاريخية على أخذ الله للذين تمردوا على دينه واتبعوا أهواءهم، أخذ عزيز مقتدر فإذا عاندك معاند أو جادلك جاحد، فجادله بالحسنى من الرفق واللين فإن في ذلك جلبا للقلوب وتأثيرا على النفوس (وطالما استعبد الإنسان إحسان) هذه هي أدوات الدعوة إلى الله:
دليل واضح وموعظة بالغة وقول يحيل الخصم صديقا كما يقول الله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} هكذا: فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، هنا السر كامن ومن هنا أخذ محمد صلى الله عليه وسلم مفتاح الدعوة الذي فتح به القلوب ثم فتح به الممالك لذلك يقول الله له: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} وصدقت عائشة إذ سئلت عن