يجب أن نتطهر من الجهل ونتخلص من قيده الثقيل، ولا سيما الجهل بالدين الذي وقف حائلا قويا دون الانتفاع بكنزنا الثمين، وكم صادفني في هذا الباب، من عجب عجاب، رأيت بعض الناس يحسبون أن الدين هو مجرد هذه الركعات التي يؤدونها بشعور غاف، وقلب غافل، وحركات سريعة خاطفة كحركة الآله الدائرة والتي يصدق عليها وصف النوع الثاني في قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أحسن الرجل الصلاة فأتم ركوعها وسجودها قالت الصلاة: حفظك الله كما حفظتني، فترفع، وإذا أساء الصلاة فلم يتم ركوعها وسجودها، قالت الصلاة: ضيعك الله كما ضيعتني، فتلف كما يلف الثوب الخلق (البالي) فيضرب بها وجهه" هذا الضرب من الناس يرى أنه بمحافظته على مثل هذه الصلاه قد حافظ على الدين كله، ولكن هذا الدين الذي يتمثل في هذه الصلاة الهزيلة سرعان ما يختفي شخصه ويتقلص ظله عندما يتعرض لصاحبه، فقير معدم يسأله ما يسد به خلته ويكسر به حدة جوعه، أو مندوب لمشروع إسلامي يحتضر يدعوه للمساهمة في إنقاذه، أو يمر بمنكر يرتكب، أو حرمة من حرمات الله تنتهك، هذا إذا الم يقتحم هو نفسه المعركة، فيأتي ما يأتي من منكر، ويرتكب ما يرتكب من إثم، جاهلا أن الصلاة مطهر لأنها صلة بين العبد وربه، ولأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، إذ أن لكل عمل ثمره وهيهات أن تكون صلتنا بربنا، خالية من أي ثمر إلا هذه الحركات الآلية، وإلا:
" فما تصنع بالسيف إذا لم تك قتالا؟ "
بل إن هذه الصلاة كانت وما زالت عند كثير من الناس شبكة اصطياد ووسيلة