أخشى- أكثر ما أخشى- قوله عليه الصلاة والسلام-: "كل لحم نبت من حرام، فالنار أولى به".
فأي بطن خلا من الحرام، في هذا العصر الذي عم فيه الحرام، وعطل فيه العمل بالإسلام، وأصبح الربا هو النظام الاقتصادي العام، يعيش عليه الخاص والعام؟ فمن لم يتعاطه مباشرة، تناوله من وظيفته أو من شركته، أو مما يوفره من مرتبه ويودعه المصرف أو دار البريد، وهل قوله- عليه الصلاة والسلام: "كل لحم نبت من حرام، فالنار أولى به"، إلا قبس من قوله تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا)؟ وهل اللحم الذي ينبت من الحرام، إلا كالنبات الطفيلي الخبيث الذي يعوق الزرع النافع الطيب عن النمو والاكتمال والاستواء، يجب أن يستأصل وتطهر منه الأرض التي اعدت لأطيب الزرع، وأنفع النبات؟
ثم إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال- تعالى-: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} الآية، وقال- تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له؟؟ " ولما تليت هذه الآية-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا}، قام سعد بن أبي وقاص فقال: يا رسول الله أدع الله أن يجعلني مستجاب