الأخوة

لابد لهذا المجتبع الإنساني (تلك الأسرة الكبيرة المتشعبة) من روابط قوية تؤلف بينها، وتمكنها من تعاونها من لغة، ودين، ووطن، ومصاهرة، وأخوة، الخ .. ، وقد راعى الإسلام كل هذه الروابط ومكن لها ودعا إليها، وحث عليها، لأنها تعين على تحقيق ما جاء به من جعل الناس- بالتآخي والتآلف والتعاون- أسرة واحدة، ومن هنا كانت رسالة الإسلام عامة.

والذي يعنينا- هنا- من هذه الروابط، هو الأخوة، إذ هي التي كاد يطويها الزمان، ويعفى عليها ذيل النسيان، مع أن الإسلام قد اعتبرها الرابطة العامة، والجامعة الكبرى بين أبناء الإسلام، إذ قال- تعالى-: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} بل، إن هذا التعبير بأداة الحصر هكذا: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} يؤدي أكثر من ذلك، إذ ينفي ويمنع أن يكون المسلم غير أخ للمسلم.

وللأخوة الإسلامية فوائدها وثمراتها، والحديث الصحيح يتكفل ببيان ذلك إذ يقول: "المؤمن كثير بإخوانه" وإذ يقول: "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما، ستره الله يوم القيامة".

إنه- صلى الله عليه وسلم- يريد أن الإسلام يجعل من الأخوة قوة أي يجعل من القلة كثرة، ومن الفرد جماعة، وينقل قلة الفرد، إلى كثرة الجماعة، ذلك لأن الأخوة تجعل الأخ لا يظلم أخاه ولا يسلمه، بل يعينه ويحترمه، كما في الحديث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015