لا شيء يقف في طريق النجاح كضيق الصدر، ولذا كان من أعظم ما أمتن الله به على نبيه صلى الله عليه وسلم أن شرح صدره، ليصبر ويتحمل فينجح في مهمته العظمى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}، هكذا {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} وأي ذكر رفعه الله كذكره صلى الله عليه وسلم- الذي قرنه الله بذكره، كلما أذن مؤذن، وأقام مصل؟ وأي ذكر، ورفعة قدر، كأن تكون كلمة الشهادة مركبة من جملتين، لا يقبل إسلام أحد إلا بالنطق بهما معا هكذا: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمد رسول الله)؟ وأن تكون هذه الكلمة:- أشهد أن محمدا رسول الله- آخر مما يطبق عليه المسلم فاه، إذا ودع دنياه؟
وإنما رفعة الذكر، وعظم القدر، من انشراح الصدر، الذي أوجد له صلى الله عليه وسلم الأتباع والأنصار، في كل زمان ومكان، ولو كان حرج الصدر، ضيق الأفق، لانفض الناس من حوله، كما قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}، ولكن الله حبا محمد صلى الله عليه وسلم- من سعة الصدر ما جعل سبعمائة مليون من المسلمين (?) تهتف باسمه في كل يوم خمس مرات.
وإن الله إذ يمن على محمد صلى الله عليه وسلم سعة قلبه، ورحابة صدره، ليلفت نظرنا إلى أن أصحاب الدعوات، وقواد الحركات، لا يحتاجون إلى شيء كما يحتاجون إلى صدر رحب وقلب كبير، يسع الناس جميعا، وأي دعوة أضخم وأوسع، وأي عبء أثقل وأفدح كالرسالة؟ ولا سيما إذا كانت عامة كرسالة محمد صلى الله عليه وسلم.