كنت مارا في أحد ميادين العاصمة، فعطفي عن وجهتي صوت ناعم حزين وإذا به صوت امرأه تندب حظها وتلعن المصادفة السيئة التي لاقت بينها وبين فضولي مستهتر وهي تقول له: قبحا لوجهك الذي لا يعرف الحياء، وما الذي ذلك مني على أني إحدى الساقطات اللائي بعن كرامتهن بالثمن البخس؟ وما الذي جرأك على متابعتي وتأثر خطواتي وأنا على أتم حجاب وعلى خير هيئة يجب على المرأة الشريفة أن تكون عليها؟
فآمنت عند ذاك بما في خروج المرأة بدون أحد من محارمها من خطر ومغامرة، وذكرت قول سيدة النساء: فاطمة الزهراء وقد قال لها أبوها صلى الله عليه وسلم: أي شيء خير للمرأة؟ فقالت: أن لا ترى الرجل ولا يراها الرجل، وعلمت أن الحجاب لا يغني مع خروج المرآة شيئا: وعلمت كذلك بأن المسلمين الذين لم يتأثروا بتربية الإسلام ما زالوا كثيرين ولا سيما هؤلاء الشباب الذين نشأوا في بيئة غير إسلامية، وأعني: بهم من تثقف ثقافة أجنبية، وعلمت من ذلك بأن مجتمعنا ما زال بحاجة إلى تربية أخلاقية قوية.
إن الفائدة التي نجنيها من هذا الدرس هي أن المرأة المسلمة لا أحصن لكرامتها ولا أصون لشرفها من امتداد أيدي الجناة الآثمين إليها كبيتها، وإذا تعرضت المتحجبات المتنقبات لكل هذه الآفات، فكيف يسلتم أولئك السافرات اللائي أبدين من أجسامهن كل ما يحرك الفتنة وبثير كوامن الشهوة؟ ولا سيما أولئك الصبايا العواتق اللائي هن للعيون الشرهة كبواكير الفاكهة يتشهاها القلب وتتطلع إليها النفس، فكيف