صادفت في مروري بالملعب البلدي خروج الناس بعد فراغ أبطال الكرة من اداء مهمتهم التي أصبحت حديث الناس، وشغلهم الشاغل في كل مكان ولا سيما الشبان، فرأيت جيشا لجبا وجما غفيرا لا يحد الطرف مداه، ولا يعلم عدده إلا الله، ولا يعد الزحام الذي رأيته على المكتب الفرنسي بجانب هذا شيئا، ولفت نظري أن معظم هذا العديد الضخم وهذا الجمع الكثيف هو من الشبان المسلمين الذين لا يرى أكثرهم إلا في هذا الموضع أو ما شابهه من المسرح والسنيما.
فقلت هذه أمة لو رزقت التوفيق وألهمت الرشد لأجرى الله على يدها خيرا كثيرا، ولأزال على يدها شرا كبيرا، كما أرى الله منها ذلك يوم كان الجهادان: جهاد النفس وجهاد البغي والرجس، أداتها وشعارها، ولكنني سرعان ما ذكرت أن هذه الأمه التي راعتني بقوة عددها ووفرة نشاطها وخفة حركتها، إنما صادفتها عائده من ميدان لعب، لا من ميدان جد، ومن ميدان دفع الأكر، لا من ميدان دفع البغي والشر وهذا لا يصلح مقياسا للأمه التي ورثت مجد محمد صلى الله عليه وسلم واهتدى الناس بدعوتها وصلح أمر الدنيا والآخرة بدولتها، وشع في ذاكرتي- فجأة- قوله صلى الله عليه وسلم: "تناكحوا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة" وقلت لنفسي: هل هذه هي الأمة التي يباهي بها نبيها الأمم يوم القيامة؟ وهل هذا هو النسل الذي كان يتراءى لخيال الرسول صلى الله عليه وسلم يوم وجه هذا النداء لأمته؟ الجواب عند الشبان.
إننا لا نقول بتحريم اللعب، ولا نحول بين الناس وبين حاجياتهم الضرورية