ومصداق ذلك قوله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}
علمهم الشعور بالمسؤولية والإضطلاع بالمهمات والصبر على المكاره، والمثابرة على العمل، والصدق في القول، والإخلاص للوطن، والطموح إلى الكمال.
علمهم أن الحياة كفاح، وأن العمر أنفاس وأن ما مضى من الوقت لا يعود،
وأن من شب على شيء شاب عليه وأن الخير بالتعود والشر بالتعود، وإن من لم يتعود الكمال من صغره صعب عليه في كبره.
إذا المرء أعيته المروءة ناشئا … فمطلبها كهلا عليه شديد
قو فيهم ملكة الملاحظة وأفتح عيونهم على ما في الكون من جمال وتناسق ونظام لترى فيهم ملكة الذوق وحب الجمال والشغف بالنظام، إنك مسؤول عن أشياء كثيرة لهذا الطفل الذي بين يديك، هذه النبتة الصغيرة التي تنبت أمامك وتنتظر الكثير من رعايتك واهتمامك، هذه القطعة اللينة الطيعة التي تنتظر أن تصوغها على المثال الذي تريد وعلى الشكل الذي تختار، وتدفع بها في الإتجاه الصالح في رأيك، ولكن إحذر أن تنسى أنك القالب والطابع والدليل وأن هذا الطفل ينظر إلى عملك قبل أن ينظر إلى قولك، ويؤخذ بسلوكك أكثر مما يؤخذ بأمرك ونهيك، فإذا انحرفت ولو لحظة رميت بمركبة الأجيال في الهوة السحيقة، وإذا زاغ بصرك يمنة أو يسرة "جاءت على يدك البصائر حولا" كما يقول شوقي.
فما أعظم مسؤوليتك، أيها الصديق الكريم.