يوما قطائف فأعطى شيخا من أهل دمشق قطيفة لم تعجبه فحلف أن يضرب بها رأس معاوية، وجاء فأخبره فقال له؟ أوف بنذرك وليرفق الشيخ بالشيخ.
وأدرك وجل الأحنف بن قيس في الطريق فجعل يسبه أقذع السب وهو يماشيه فلما قربا من الحي وقف الأحنف وقال: يا أخي إن بقي لك شيء من السب فقله هاهنا فإني أخشى أن يسمعك فتيان الحي فيؤذوك، والأحنف مضرب المثل في الحلم، قال أبو تمام:
إقدام عمر في سماحة حاتم … في حلم أحنف في ذكا إياس
وكان خاله قيس بن عاصم مثالا عاليا كذلك في الحلم والصفح وهو الذي
قال فيه صلى الله عليه وسلم لما وفد عليه مسلما: أتاكم سيد أهل الوبر. وقال فيه أحد الشعراء وقد مر على قبره:
عليك سلام الله قيس بن عاصم … ورحمته ما شاء أن يترحما
سلام امرىء غادرته غرض الردى … إذا زار عن شحط بلادك سلما
فما كان قيس هلكه هلك واحد … ولكنه بنيان قوم تهدما
وسئل الأحنف: ممن تعلمت الحلم؟ قال: من خالي قيس بن عاصم، ولقد كنا نتردد إليه لنتعلم الحلم كما كنا نتردد على العلماء لنتعلم العلم، ويروي الأحنف نفسه فيقول: كنا يوما عنده وهو جالس يحدثنا فإذا بجماعة قد أتوا بقتيل ومكتوف فقالوا له: إن هذا ابنك قد قتله أخوك هذا فوالله ما قطع حديثه ولا حل حبوته حتى فرغ ثم أنشد:
أقول للنفس تأساء وتعزية … إحدى يدي أصابتني ولم ترد
كلاهما خلف من فقد صاحبه … هذا أخي حين أدعوه وذا ولدي
ثم التفت إلى إبن له آخر وقال: يا بني أطلق عمك، ووار أخاك، وسق إلى
أمك مائة من الإبل دية ولدها فإنها عربية فيكم.