{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} لله هذا الدين: كيف يحافظ على الطهارة ويجعلها أداته ووسيلته. بل يجعلها من كل تعاليمه وأحكامه غايته، فالصلاة طهارة "أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء قال: فكذلك الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا. الحديث" والزكاة طهارة: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} الآية المتقدمة وهكذا.
نعم إن الدين في مجموعه طهارة، ولكنها طهارة من دنس الذنوب ووضر الأخلاق أكثر من أي شيء آخر، طهارة الإعداد لدخول الرحاب المقدسة في رياض الخلد للمثول بين يدي الله، فلا تعجب بعد هذا إذا قرأنا مثل قوله صلى الله عليه وسلم حرمت الجنة على كذا وحرمت على كذا أو مثل قوله: مكتوب على باب الجنة لا يدخلها كذا كقوله: مكتوب على باب الجنة لا يدخلها نمام وكقوله: مكتوب على باب الجنة لا يدخلوها ديوث، لأن أولئك لم يتطهروا من ذنوبهم وأخلاقهم الدنسة، فما كان لهم أن يطؤوا تلك الرحاب المقدسة بأقدامهم النجسة.
وإذا علم هذا علم أن الزكاة تطهير لنفس المسلم وتطهير لماله حتى لا يكون فيما يتصل به أو يهت إليه بسبب شيء غير طاهر، ذلك لأنه- كما قلنا- إعداد رباني خاص للدخول في حزب الله، وللفوز بعد ذلك بالدخول في حضرة القدس ودار الخلد، فما ينبغي لنفس المسلم أن تتسم بالبخل، لأنه إهدار لثقته بربه، ولذا يقول صلى الله عليه وسلم: "البخل من سوء الظن بالله" وقد أحسن الشهاب الخفاجي إذ قيد هذا المعنى القيم بقوله: