المسلمين- أنهم ينصبون موائد الطعام في ساعة الزوال من رمضان، ومنهم من يستحي من الناس ولا يستحي من الله فيفر إلى أوروبا كلما أوشك هلال رمضان على الطلوع ليهدر كرامة دينه هناك ويجلس على موائد الخنزير والخمر في نهار رمضان فينتهك حرمات الله ويملأ جوفه مما حرم الله ويقطع صلته بإخوانه في الله، ولكن هذا الصنف في الأمة لا يكون إلا ممن تلقى تعليمه وثقافته في معاهد أروبا التي ليست إلا أجهزة للتبشير ظاهرها التثقيف وباطنها التنصير، وقد ظهر أثر هذه المعاهد في نفوس أبنائنا الذين تلقيا تعليمهم فيها بصفة مفزعة محزنه، وإني إن نسيت كل شيء فهيهات أن أنسى تلك الكلمة الخبيثة الرعناء التي فاه بها ذلك الفم القذر بأم الخبائث إذ قال له أحد أقاربه: إن الصيف قد أقبل بحره الشديد ولا نأمن على أولادنا غائلة البحر، وإن خير ما ينقذنا منها أن ندخل أولادنا المدارس العربية التي لا تعطل تعليمها في الصيف فقال له: إنني أفظل أن يغرق أولادي في البحر على أن يقرأوا العربيه، إن المسلم العربي ما كان ليفوه بهذه الكلمة النكراء لو لم تتلق نفسه بذورها الخبيثة السامة في المعاهد الإفرنجية، فيالله لهذه اللغة التي يحاربها أعداؤها وأبناؤها على السواء!

وإذن فمن رزق الصبر فقد أعطي العصا السحرية التي تصنع المعجزات، وهل صنع المسلمون ما صنعوا من معجزات في فجر تاريخهم إلا بهذه العصا السحرية التي هي الصبر؟ وهل يغلب عشرون مائتين إلا بالصبر؟ كما قال تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} وكما قال: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} وهل وصلت إلينا هذه الذخيرة الغالية من تعاليم الإسلام السامية إلا على جسر عظيم من الصبر؟ فصبر أولئك الجدود الأبطال على ما أصابهم في سبيل الإحتفاظ بالإسلام من أعداء الإسلام هو الذي أوصل إلينا الإسلام.

وهل سائر الفضائل إلا نابعة من الصبر، فالشجاعة صبر على المكروه، وبذل المال صبر على فقده، والحلم صبر على جهل الجاهل وهكذا.

وفي السلوك الديني يبرز أثر الصبر أكثر حتى قيل: الصبر ثلاثة، صبر على طاعة الله بمعنى الثبات عليها، وصبر عن معصية الله بمعنى كبح النفس عنها، وصبر على قضاء الله بمعنى حبسها عن الجزع، فلا عجب إذن أن يقول الله تعالى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015