إن الظالم- إذن- لا يجني إلا على نفسه، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} فهو في الدنيا يبيت على وجل، لا يستقر به مضجع، ولا ينام له جفن، ولا يهدأ له قلب، وكيف وقد أطار الهدوء من كل قلب وأثار البغضاء في كل نفس، وفي الآخرة لا يجد أمامه إلا ظلاما يعلوه ظلام، كما قال- عليه الصلام والسلام-: "الظلام ظلمات يوم القيامة" فتستبد به الندامة التي يعبر عنها القرآن بذلك الأسلوب المفزع إذ يقول: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ}، وإذ يقول: {وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}.
ولكن هنالك تنقطع الحجج وترفض المعاذير ويرد الشفعاء، قال تعالى: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ}، و {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ}، لأنها دار الجزاء، {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}، والويل لمن تزود إثما {وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا}.