إنه الصحيح الثابت عند قدماء الأئمة من أهل الأداء والنصوص مجمعة عليه. وقال ابن الحاجب: أطبق عليه القراء ... وقد انتصر له جماعة من العلماء، وعليه جرى عمل المحققين من شيوخنا وشيوخهم مشرقًا ومغربًا ... وإن تركوه فرارًا من الوقوع في الجمع بين الساكنين على غير حدة فغير صحيح، لأن هذا الأصل مختلف فيه: فالمشهور عندهم أن حد اجتماع الساكنين أن يكون الأول حرف مد ولين، والثاني مدغم فيه، نحو: فيه هدى ولا تيمموا على رواية البزي، لأن حرف المد واللين، وإن كان ساكنًا فإنه في حكم المتحرك، لأن ما فيه من المد قائم مقام الحركة، ومنهم من جعله كون الثاني مدغمًا فيه، نحو: شهر رمضان ...
ولو سلم أن النحويين اتفقوا على الأول لم يمنعنا ذلك من الإدغام المحض، لأن القراءة لا تتبع العربية، بل العربية تتبع القراءة، لأنها مسموعة من أفصح العرب، وهو نبينا صلى الله عليه وسلم ومن أصحابه ومن بعدهم إلى أن فسدت الألسنة بكثرة المولدين ... وقد قال ابن الحاجب ما معناه: إذا اختلف النحويون والقراء كان المصير إلى القراء أولى، لأنهم ناقلون عمن ثبتت عصمته من الغلط، ولأن الرواية ثبتت تواترًا، وما نقله النحويون فآحاد، ثم لو سلم أن ذلك ليس بمتواتر فالقراء أعدل وأكثر فالرجوع إليهم أولى، وأيضًا فلا ينعقد إجماع النحويين بدونهم لأنهم شاركوهم في نقل اللغة، وكثير منهم من النحويين.
وقال الإمام الفخر ما معناه: أنا شديد العجب من النحويين، إذا وجد أحدهم بيتًا من الشعر، ولو كان قائله مجهولاً يجعله دليلاً على صحة القراءة، وفرح به، ولو جعل ورود القراءة دليلاً على صحته كان أولى ...
فالحاصل أن الحق الذي لا شك فيه والتحقق الذي لا تعويل إلا عليه أن الجمع بين الساكنين جائز لورود الأدلة القاطعة به، فما من قارئ من السبعة وغيرهم إلا وقرأ به في بعض المواضع، وورد عن العرب، وحكاه الثقات عنهم، واختاره جماعة من أئمة اللغة منهم أبو عبيد وناهيك به».
وقال: «هو لغة النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروى عنه: نعما (بإسكان