على إن للإتباع صورًا تطَّرِدُ في اللغة من غير أن توحي بشيء من اختلاف اللهجات, من ذلك "لِهِمٌ" للشخص الذي يلتهم كل شيء، "إنما هو إتباع ومضارعة؛ لأن كل ما كان على فعل ثانيه حرف من حروف الحلق, ففيه أربع لغات مطردة: فعل وفعل وفعل"1.

وفي هذا الجو الغامض من تأثر بعض الأصوات ببعض -وهو نتيجة حتمية لنطق قبيلة بدوية لم يتم صقل لغتها- لم تستنكف تميم عن تقديم الحروف وتأخيرها في ألفاظ معينة, فهي تقول في القسم: "رَعَمْلي" عوضًا عن لعمري2، كما تقول: "جَبَذَ" بدلًا من جذب.

ولعل الباحث اللغوي يرى في هذه المسألة نوعًا من القلب المعروف في الصرف، ولكنه مضطر إلى الرجوع عن رأيه إذا قرأ في "باب ما الهمزة فيه موضع اللام" من كتاب سيبويه: "وأما جَذَبْتُ وجَبَذْتُ ونحوه, فليس فيه قلب، وكل واحد منهما على حدته؛ لأن ذلك يطَّرد فيهما في كل معنًى، ويتصرف الفعل فيه، وليس هذا بمنزلة ما لا يطرد"3.

هذه خلاصة الفوارق الرئيسية بين لهجتي تميم والحجاز، رأينا من خلال عرضها أننا من تميم أمام لهجة خاصة قائمة بذاتها، لها خصائصه ومميزاتها، وعسى أن نكون قد استنتجنا من معرفتنا لذلك أن لهجة تميم قد أمدت العربية الفصحى بروافد غنية غزيرة، ساعدت على استقرار نحوها وصرفها، وسعة اشتقاقها، وبعد دلالتها، وانبساط

طور بواسطة نورين ميديا © 2015