والأب مرمرجي الدومينيكي في أبحاثه حول "الثنائية" في العربية والساميات، والأستاذ عبد الله أمين في "الاشتقاق"، والدكتور مصطفى جواد في تحقيقاته الدقيقة التي ذكر طرفًا منها في كتيّبه "المباحث اللغوية في العراق"، والأمير مصطفى الشهابي في "المصطلحات العلمية", وفي معجمه القيم للألفاظ الزراعية. ولكن هؤلاء العلماء الأعلام كانوا يتناولون بالدراسة بعض الموضوعات الخاصة ولم يتصدوا -فيما نعلم- لتأليف كتابٍ جامعٍ مدروس في فقه الللغة، أو ربما فكّرَ بعضهم بذلك، غير أننا لم نجد لهم في المكتبة العربية كتابًا مطبوعًا منشورًا1.
وإن في تفرق المباحث اللغوية على هذا النحو، وقلة التأليف في موضوعها العام الشامل، وتهاون أكثر المؤلفين فيها بأقوال المتقدمين، وإدخال بعضهم الضيم على العربية فيما كتبوه، ونكوص آخرين منهم عن مجاراة ما يجدّ كل يوم من ألوان البحث في فقه اللغة العام, وفقه اللغة المقارن، إن في هذا كله لما يهيب بالغيور على هذه اللغة الذي يريدها لتسابق اللغات الحية في مضمار الحضارة، إلى الأدلاء بدلوه، في وضع كتاب جامع يحاول به أن يلمّ شتات الآراء السديدة، قديمة وحديثة، حتى لتشمل فصول الكتاب على أفضل ما يتمنى أستاذ فقه اللغة, أو دراسه, أو الناشيء فيه, أن يجده من المباحث الأساسية الهامة.