وواضح أن المراد من العربية البائدة عربية النقوش التي بادت لهجاتها قبل الإسلام، وهي التي ظهر على آثارها الطابع الآرامي، لبعدها عن المراكز العربية الأصلية بنجد والحجاز1، على حين يقصد بالعربية الباقية هذه اللغة التي ما نزال نستخدمها في الكتابة والتأليف والأدب، وهي التي وصلت إلينا عن طريق القرآن الكريم والسنة النبيوة والشعر الجاهلي.
وأهم اللهجات العربية البائدة ثلاث: الثمودية، والصفودية، واللحيانية.
فالثمودية: هي اللهجة المنسوبة إلى قبائل ثمود, التي جاء في القرآن ذكرها وذكر مساكنها في مواضع كثيرة, وتاريخ معظم النقوش المدونة بهذه اللهجة يعود إلى القرنين الثالث والرابع بعد الميلاد, ويبلغ تعداد هذه النقوش ما يزيد عن ألف وسبعمائة عُثِرَ عليها فيما بين الحجاز ونجد وفي شبه جزيرة سيناء وبالقرب من دمشق، وقد دونت بخط جميل أنيق مشتق من "المسند", يتجه من أعلى إلى أسفل، ولا يثبت على حال واحدة, وإذا أمعنَّا النظر في النقوش الصفوية, وجدنا فيها كلمات غير مألوفة في العربية, أخذت من العبرية والسريانية2.
والصفوية: هي اللهجة المنسوبة إلى منطقة الصفا، وإن كانت نقوشها قد عثر عليها في مواطن مختلفة في الحَرَّةِ الواقعة بين تلول الصفا وجبل الدروز, ويبلغ عدد هذه النقوش حتى هذا التاريخ ما يزيد على ألفين،