ولقد رأينا -في أكثر مباحث الكتاب- أن وسائل التنمية في العربية -على تنوعها وتعددها- آخذة في الزيادة والاتساع يومًا بعد يوم.
إننا آمنا بأن المنهج الصالح في دراسة فقة اللغة هو المنهج الاستقرائي الوصفي الذي يعترف بأن اللغة ظاهرة إنسانية اجتماعية بها تستقصي الملامح المميزة لكل مجتمع، فلم نحاول أن نفرض معايير اللغويين العرب المتقدمين ولا آراء الباحثين المعاصرين كما تفرض أحكام القانون، بل قمنا أو رغبنا في القيام بوظيفة اللغوي في وصف الحقائق، ونقد الوثائق، وتمحيص النصوص، والموازنة بين الآراء قديمها وحديثها، ومعتدلها ومغاليها، واستخلصنا بعد ذلك أحكامنا بتأنٍّ وروية، ثم لممنا شتات هذه الأحكام فكانت ضربة قاصمة للشعوبية.
إن الباحث المنصف قد وجد في كتابنا هذا -وهو في معزل عن المنطق الصوري، وبمفازة من عدواه- أهم خصائص العربية الفصحى، لا من خلال الزاوية التي تعبجه أو تعجبنا، بل من خلال مقارنة الخصائص في اللغة الفصحى بما يقابلها في اللهجات الأخرى أو في اللغات التي تربطها بها أواصر القربى.
وفي ضوء هذا المقياس العلمي الدقيق، لم يكُ من ضرورة لتعليل كل صوت لغوي أو رمز دلالي في العربية بأنه على وجه الحكمة كيف وقع. ولم يكُ من مسوغ للظن بأن خصائص العريبة تميز لهجة قريش لذاتها، فإنما ميزتها هاتيك الخصائص لتمثلها خير ما في اللهجات العربية الصحيحة بالتوليد والاشتقاق، وخير ما في اللغات الأجنبية بالنقل والتعريب.
وفي دراستنا لخصائص العربية، برز في كل فصل من فصول الكتاب وجه عربي أصيل؛ فالإعراب ليس قصة، ولقد ورث فصحاء العرب لغتهم آيات معربات بينات. ولمح بعض العلماء في كل حرف