وما برح علماء الأصوات العصريون يبحثون الأحرف المستعملة في كل لغة بحثًا مرددًا بين أفقين: أحدهما حركي عضوي، والآخر تنفسي صوتي، فلا يخرجون في كلا الأفقين عن المنهج الثنائي الذي رسمه علماء التجويد حركيًّا عضويًّا في المخارج. تنفسيًّا صوتيًّا في الصفات.
لا شيء يمنعنا إذن من التمسك باصطلاحات علمائنا المتقدمين في تسمية حروف الفصحى ومعرفة ألقابها. والتميز بين مخارجها وصفاتها. ولا شيء يدعونا إلى تفضيل التسميات الحديثة، أو الأخذ بالتقسيمات العصرية التي يعمد إليها بعض العلماء اليوم، ولا سيما إذا اتضح لنا أن تغيير المصطلحات القديمة يوقعنا في لبس شديد لدى فهم ظواهر الاشتقاق قلبًا وإبدالًا1، ومدلولات الحروف العربية تعبيرًا وبيانًا2.
ولقد اختلف العلماء في مخارج الحروف. فمال أكثر النحويين وأكثر القراء إلى أنها سبعة عشر مخرجًا3 تجمعها عشرة ألقاب فقط. وبهذا الرأي أخذنا؛ لأنه أكثر شيوعًا وأدق تفصيلًا.
ونلاحظ -قبل الشروع في تسمية هذه الألقاب- أن المعول عليه في الحرف معرفة مخرجه لا صفته؛ لأن معرفة المخرج بمنزلة الوزن والمقدار، ومعرفة الصفة بمنزلة المحك والمعيار4. ومن هنا جاء اشتقاقهم