أما أحمد بن فارس "أبو الحسين القزويني" المتوفي سنة 395هـ, وهو أستاذ الصاحب بن عباد, المتوفي سنة 385هـ, فقد خلع على مباحثه في نشأة العربية اسم: "الصاحبي في فقه اللغة, وسنن العرب في كلامها"، وذهب إلى أن اللغة إلهام وتوقيف، مستدلًّا بقوله تعالى: {وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} . على أنه ضمَّن كتابه هذا بعض المباحث الهامة حقًّا في فقه العربية؛ كخصائص هذه اللغة، واشتقاقها, وقياسها، ومترادفها, ومجازها, واشتراكها, ونحتها، واختلاف لغاته ولهجاتها.
ونرى الثعالبي "أبا منصور عبد الملك بن محمد", المتوفى سنة 429هـ, ينشئ بعد ذلك كتابه "فقه اللغة" الذي لا تجد اسمه إلّا كالثوب الفضفاض عليه، فإنه لم يضمنه إلّا بعض المباحث القليلة التي يمكن أن تتعلق بهذا العلم، كإيراده بعض الألفاظ العربية التي نسبها أئمة اللغة إلى الرومية، أو بعض الأسماء القائمة في لغة العرب والفرس على لفظ واحد، أو الأسماء التي تفردت بها الفرس دون العرب, فاضطرت العرب إلى تعريبها أو تركها كما هي، أو الأسماء التي ماتت فارسيتها, مع أن عربيتها ما تزال مستعملة محكية؛ وهذه المباحث مبثوثة في الباب التاسع والعشرين من كتابه، ولا تشغل أكثر من خمس عشرة صفحة.
أما ابن سيده "أبو الحسن علي بن إسماعيل الأندلسي", المتوفى سنة 458هـ, فقد عرض في كتابه "المخصص" لبعض البحوث المتعلقة بنشأة اللغة العربية، وبالترادف والتضاد والاشتراك والاشتقاق، وتعريب الألفاظ الأعجمية، ونحو ذلك, والمخصص يقع في سبعة عشر جزءًا، وهو حسن التنسيق دقيق.
ويتوفر الجواليقي "أبو منصور، موهوب بن أحمد"، من علماء القرن السادس الهجري، بوجه خاص على دراسة "المعرب من الكلام الأعجمي", وكتابه مرتب على حروف المعجم, ويتلوه البشبيشي المتوفى سنة 820هـ بكتابه "التذليل والتكميل" لما استعمل من اللفظ الدخيل".