ومِمَّا جاء في قرار الجمعيَّة العامَّة للأمم المتحدة الذي اتخذته بالإجماع في دورتها الثامنة والعشرين لسنة (1973 م): (إنَّ اللغة العربية أدت دورًا مهمًّا في الحفاظ على حضارة الإنسان وتراثه الثقافي، وفي العمل على نشرهما) (?).

ولئن خرجت اللغة العربية من صراعها مع الاستشراق والاستعمار أو كادت أن تخرج بهذه النتيجة؛ فإنها في حقيقة الأمر اللغة الأولى، ويكفيها شرفًا أنَّ اللَّه اختارها لكلامه المجيد، وما أصدق ما قاله (حافظ إبراهيم) في رده على شبهات المستشرقين وتلاميذهم على لسان اللغة العربية:

وسعت كتاب اللَّه لفظًا وغايةً ... وما ضقتُ عن آيٍ به وعظاتِ

فكيف أضيقُ عن وصف آلةٍ ... وتنسيق أسْمَاء لمخترعاتِ

أنا البحرُ في أحشائه الدر كامنٌ ... فهل سألوا الغُوَّاصَ عن صدفاتي؟ (?)

أما الاعتراف للغة العربيَّة بأنها حافظت على تراث الإنسان، وعملت على نشره، فإنَّ ذلك جزءٌ من الحقيقة، وجزؤها الآخر هو ما أسهمت به اللغة العربيَّة من صنع الحضارة الحديثة في مختلف مجالاتها، وما أضافت من ابتكارات علميَّة ومنهجيّة إضافة لتلك الوحدة السلميَّة الفذَّة بين شعوب المعمورة التي عبَّرَت عنه المستشرقة (زيغريد هونكة) بقولها: (إنَّ كل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015