قال للرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا رسول اللَّه، واللَّه لأنت أحبّ إليَّ من كل شيء إلَّا من نفسي" فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا، والذي نفسي بيده، حتى أكون أحبَّ إليك من نفسك" فقال له عمر: فإنَّه الآن، واللَّه، لأنت أحبُّ إليَّ من نفسي، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الآن يا عمر" (?).

وتستلزم هذه المحبَّة موافقة اللَّه -عز وجل- والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما أحباه، وفيما أبغضاه، ولا تتحقق العبوديَّة إلَّا بذلك لقوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 24].

ثالثًا: أنَّ العبادة ترجع فائدتها للعابد من المكلفين؛ لأنّ اللَّه غنيٌّ عن العالمين لا تنفعه طاعة الطائعين، ولا يضره إعراض المعرضين، وقد جاءت العبادات معلّلة بذلك مثل قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97]. وفي قوله تعالى على لسان سليمان -عليه السلام-: {قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل: 40].

وفي الحديث القدسي قال اللَّه تعالى: "يا عبادي لو أنَّ أولكم وآخركم وإنسكم وجنَّكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي لو أنّ أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم، كانوا على أفجر قلب واحد، ما نقص ذلك من ملكي شيئًا" (?)، أمَّا فائدة العبادة للعابد فسيأتي الحديث عنها في مكان آخر إن شاء اللَّه تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015