أولًا: الإقبال على العلم والمعرفة، فتعلم المسلمون (القراءة والكتابة، لينشروا دينهم ولغتهم، وتعلموا لغات أعدائهم، ليأمنوا مكرهم وشرهم، وبحثوا عن أيِّ علم يفيدهم وينفعهم؛ لأنَّهم يعلمون أن هذا جهاد في سبيل البشرية كالجهاد بالسيف لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، (حيث يوزن مداد العلماء بدماء الشهداء يوم القيامة) (?)، ومن هنا انطلق المسلمون يبحثون عن تراث الأقدمين، وعن علمهم في الأمم اللاهيَّة، التي لم تستطع الاستفادة أو الإفادة منه، ويجب أن يعلم أن العلوم التي اتصل بها المسلمون واستفادوا منها، كانت بعيدة عن العقائد والعبادات وعلوم الشريعة؛ لأنَّ هذه كانت لها مصادرها الموثوقة عند المسلمين، التي لا تقبل الإضافة أو التبديل أو التغيير، وإنَّما هي العلوم التي تدخل تحت قول الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنتم أعلم بأمر دنياكم" (?)، وانطلق المسلمون يأخذون كل مفيد، ويتعلمون كل نافع، فترجموا كتب الأقدمين في الطب، والهندسة، والكيمياء، والفلك، والحكمة، والجغرافيا، والحيوان، والنباتات، وكانت معرفتهم معرفة تمحيص وليست معرفة تبعيَّة أو تقليد) (?)، وسلكوا في أخذها والعلم بها منهجًا علميًّا يعتمد على الانتقاء والتجربة والتمحيص، وإعمال العقل والفكر، متأثرين في ذلك المنهج بما جاء به الإسلام من رؤية للكون والحياة والإنسان،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015