ما يجلي وسطية الأُمَّة في هذا الباب ولاسيما أنّه قارنها بمعتقدات الأمم الأخرى التي تقف على أطراف منحرفة عن الحق كقوله: (فإنَّ بعضًا منهم يعتقدون القول بالتناسخ وبعضهم يعتقد أن انقلاب النفس إلى حالة الضياء والنور هو الثواب، وانقلابها إلى ضده هو العقاب، وبعضهم يعتقد أن تخلص الأرواح من الأجساد هو الثواب، وضده هو العقاب) (?).

ثُمَّ يعقب على ذلك بقوله: (ثُمَّ الذي بني عليه الإسلام هو: أن العالم منقض بالساعة التي هي آتية لا ريب فيها، وأن اللَّه تعالى يعيد الأرواح إلى أجساد الموتى، على تركيب تتحد به قُوَّتَا: الحس والعقل، فتعرف الأنفس بقوة العقل أحوالها التي مضت عليها في حال الدنيا، وما اكتسبت من حسنة وسيئة، وتدرك بقوة الحس اللذات التي تتمتع بها، والآلام التي تتعذب بها، وأن الثواب لا محالة يقع في جنس المُلِذِّ، والعقاب في جنس المؤلم، وأن كيفيتها لن تدرك إلَّا بأن يجعل لها عيارٌ مهما شهدته الحواس من أجناس المُلذّات والمؤلمات) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015