شريعته وارتبط بآصرة الأخوة الإسلامية ووحدة الأمة، ويكفي شاهدًا على ذلك قول الحق -تبارك وتعالى-: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9]، فهذه صورة وضيئة صادقة تبرز أهم الملامح المميزة للأنصار، هذه المجموعة التي تفردت بصفات، وبلغت إلى آفاق، لولا أنها وقعت بالفعل، لحسبها الناس أحلامًا طائرة ورؤى مجنحة ومثلًا عليا قد صاغها خيال محلق) (?).

وبالرجوع إلى ما ذكره المفسرون في نزول بعض هذه الآية وما ذكروا من شواهد على الإيثار الذي وصف اللَّه به الأنصار تتحقق المقولة السابقة؛ من أن هذه الأفعال التي كانت من أثر الأخوة الإسلامية لو لم تحدث بالفعل ويتواتر خبر ذلك لكانت من نسج الخيال، وفي ذلك ما يبرز تميز الأمة الإسلامية على سائر الأمم، ومن هذه الشواهد:

- ما ذكره الواقدي من أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: لما تحول من بني عمرو بن عوف (في قباء) إلى المدينة تحول أصحابه من المهاجرين، فتنافست فيهم الأنصار أن ينزلوا عليهم حتى اقترعوا فيهم بالسهمان، فما نزل أحد منهم على أحد إلا بقرعة سهم) (?).

- أنزل الأنصار إخوانهم المهاجرين في منازلهم وأشركوهم في أموالهم وأحسنوا إليهم (?) وآووا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومنعوه من الأحمر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015