وبهذا أصبحت الأخوة الإسلامية ووحدة الأمة شريعة تنتهج، ونظامًا يطبق ويقنن؛ فإن إطار الحقوق والواجبات وهذا (مما تميز به الإسلام على غيره من الأديان ومن النظم والنظريات، حتى إنَّ بعض العلماء يرون أن هذه المؤاخاة مما خص به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- دون سائر الرسل عليهم السلام) (?).

وقد اتسمت هذه المؤاخاة بمظاهر كثيرة وتطبيقات رائعة، منها ما كان على مستوى الأمة، ومنها ما كان على مستوى الأفراد. . .

ويجمل الحديث عن بعض نماذجها فيما يأتي:

أولًا: لقد بلغ من تأثير المؤاخاة في بداية الأمر حد التوارت بين الإخوة في الدين بعد الموت، (وظلت كذلك حتى تغيرت بجعل هذا التوارث بين أولي الأرحام فحسب) (?)، فكان (ميراث الأنصاري يؤول بعد وفاته إلى أخيه المهاجر بدلًا من ذوي رحمه من الإخوة أو الأبناء أو النساء. . . واستمر ذلك حتى موقعة بدر التي حظي فيها المسلمون بمقادير لا بأس بها من الغنائم والأموال) (?)، ونزل قوله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأحزاب: 6]- قال ابن عباس: (هذه الآية نسخ لما تقدم من الموالاة بالهجرة دون القرابة التي ليس معها هجرة) (?).

وقال ابن العربي: (إنه عموم في كل قريب بينته السنة بقوله: "ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر" (?) حسبما ثبت في كتاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015